الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد.
فقال الله تعالى:{والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم* سيهديهم ويصلح بالهم* ويدخلهم الجنة عرفها لهم}.
قال مجاهد:"يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلوا عليها أحداً".
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح:"هم أعرف بمنازلهم من أهل الدنيا إذا انصرفوا إلى منازلهم".
وقال محمد بن كعب:"يعرفونها كما تعرفون بيوتكم في الدنيا إذا انصرفتم من يوم الجمعة".
هذا قول جمهور المفسرين وتلخيص أقوالهم ما قاله أبو عبيدة:{عرفها لهم} أي بينها لهم حتى عرفوها من غير استدلال".
فأهل الجنة أعرف بمساكنهم في الجنة من مساكنهم في الدنيا إذا انصرفوا إليها، فلم نعلم أن أحداً خرج من صلاة الجمعة فضل بيته أو أخطأه أو دخل بيتاً غير بيته، فسبحان من هدى أهل الجنة في الدنيا إلى عمل الصالحات، واجتناب المنكرات، وهداهم في الجنة إلى مساكنهم كأنهم يعيشون فيها منذ سنوات.
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله قال:« إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة، فوالذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل بمنزله كان في الدنيا».
وأخرج الطبراني في "أحاديثه الطوال" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«... والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم».
هذا ملخص ما قاله أهل التفسير في معنى هذه الآية، والله تعالى أعلم.
اللهم اجعلنا من أهل الجنة، إنك أنت السميع العليم، وصلى الله وسلم وبارك على البشير النذير، وعلى آله وصحبه والتابعين.