×
العربية

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

المكتبة المقروءة / شرائد الفوائد / فوائد ومنافع غض البصر.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1268

قال ابن القيم رحمه الله:" النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته.
وفي غض البصر عدة منافع:
أحدها : أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، فليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .
الثانية : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم - الذي لعل فيه هلاكه - إلى قلبه .
الثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله وجمعية عليه ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ، ويبعدهعن الله ، وليس على القلب شيء أضر من إطلاق البصر ، فإنه يورث الوحشة بين العبد وربه .
الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
الخامسة : أنه يكسب القلب نورا ، كما أن إطلاقه يلبسه ظلمة ، ولهذا ذكر الله سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم [ سورة النور : 30 ] .
ثم قال إثر ذلك : الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح [ سورة النور : 35 ] .
أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل ناحية ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدع وضلالة ، واتباع هوى ، واجتناب هدى ، وإعراض عن أسباب السعادة ، واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا نفذ ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .
السادسة : أنه يورث فراسة صادقة يميز بها بين الحق والباطل ، والصادق والكاذب ،وكان شجاع الكرماني يقول : من عمر ظاهره باتباع السنة ، وباطنه بدوام المراقبة ، وغض بصره عن المحارم ، وكف نفسه عن الشبهات ، واغتذى بالحلال ، لم تخطئ له فراسة وكان شجاعا لا تخطئ له فراسة .
والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، ومن ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه ، فإذا غض بصره عن محارم الله ، عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ، عوضا عن حبس بصره لله ، ويفتح عليه باب العلم والإيمان ، والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة التي إنما تنال ببصيرة ، فقال تعالى : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ سورة الحجر : 27 ] .
فوصفهم بالسكرة التي هي فساد العقل ، والعمه الذي هو فساد البصيرة ، فالتعلق بالصور يوجب فساد العقل ، وعمه البصيرة ، وسكر القلب ، كما قال القائل :
سكران سكر هوى وسكر مدامة *** ومتى إفاقة من به سكران
وقال الآخر :
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم *** العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه *** وإنما يصرع المجنون في الحين
السابعة : أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، فجمع الله له بين سلطان النصرة والحجة ، وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر : " الذي يخالف هواه ، يفر الشيطان من ظله " .
وضد هذا تجد في المتبع لهواه - من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها - ما جعله الله سبحانه فيمن حصاه .
كما قال الحسن : " إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، إن ذل المعصية في رقابهم ، أبى الله إلا أن يذلمن عصاه " .
وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته ، والذل قرين معصيته ، فقال تعالى : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [ سورة المنافقون : 8 ] .

وقال تعالى : ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين [ سورة آل عمران : 139 ] .
والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقال تعالى : من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه [ سورة فاطر : 10 ] .
أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره من الكلم الطيب والعمل الصالح .
وفي دعاء القنوت : " إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت " ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه ، وله من العز بحسب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب معصيته .
الثامن : أنه يسدل على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع مننفوذ الهواء في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور إليه ويزينها ، ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ثم يعده ويمنيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليها حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب .
فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت بهالنيران بكل جانب ، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور ، ولهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات للصور المحرمة : أن جعل لهم في البرزخ تنور من النار ، وأودعت أرواحهم فيه إلى يوم حشر أجسادهم ، كما أراها الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في المنام في الحديث المتفق على صحته .
التاسعة : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر ينسيه ذلك ويحول بينه وبينه ، فينفرط عليه أمره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا [ سورة الكهف : 28 ] .
وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه .
العاشرة : أن بين العين والقلب منفذا وطريقا يوجب انتقال أحدهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ، ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب ؛ فسد النظر ، وإذا فسد النظر ؛ فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح ، فإذا خربت العين وفسدت ؛ خرب القلب وفسد ، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ ، فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه ، والأنس به والسرور بقربه فيه ، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك .
فهذه إشارة إلى بعض فوائد غض البصر. اهـ الجواب الكافي

الاكثر مشاهدة

2. وجعل بينكم مودة ورحمة ( عدد المشاهدات61827 )
7. لماذا تلبس المرأة الحجاب؟ ( عدد المشاهدات9661 )
8. لا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ( عدد المشاهدات9528 )
9. أولاً: فضل طلب العلم. ( عدد المشاهدات9496 )
10. هل ذكر اللعب في القرآن بخير ؟ ( عدد المشاهدات8869 )
12. رابعاً: بعض أسباب حرمان العلم. ( عدد المشاهدات7996 )
13. والشجرة الملعونة في القرآن ( عدد المشاهدات7814 )

مواد مقترحة

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف