هل جرب أحد منا أن قرأ القرآن بتدبر وتفكر في معانيه، وهذا يكون بمحاولة معرفة ما يلي:
ما المقصود بهذا اللفظ الذي تقرأه؟
وما سبب نزول هذه الآية؟
وهل لهذه الآية معنى آخر غير الذي فهمته منها؟
فإذا فعلت هذا فلا يضرك أن تبحث عما جهلته من معاني كتاب الله، وهذا أمر ميسور والحمد لله، فلا يعجز أحد أن يجعل في بيته كتاب تفسير ميسر لكلام الله، وعندنا تفسير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي مطبوع في مجلد واحد، وعندنا أيضاً كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان للشيخ حسنين مخلوف، وقد لا يخلو بيت من بيوت المسلمين من كتاب تفسير.
ما فائدة هذا التدبر، وهذه القراءة على هذه الصورة؟
من فوائدها :
معرفة عظيم فضل هذا القرآن، واستشعار عظمة الله سبحانه وتعالى أنه يخاطبك، وحرصك على فهم كلام الله سيجعل لقلب انشراحا عجيبا عند قراءة القرآن.
ولنضرب مثال على ذلك:كلنا يقرأ سورة الإخلاص، ( قل هو الله أحد * الله الصمد) ما معنى الصمد؟
لو بحثت في كتب التفسير لديك لوجدت معنا يدور على أحد هذه المعاني :
أحدها : أن الصمد المصمت الذي لا جوف له ، قاله الحسن وعكرمه والضحاك وابن جبير.
الثاني : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، قاله الشعبي.
الثالث : أنه الباقي الذي لا يفنى ، قاله قتادة ، وقال الحسن : إنه الدائم الذي لم يزل ولا يزال .
الرابع : هو الذي لم يلد ولم يولد ، قاله محمد بن كعب .
الخامس : أنه الذي يصمد الناس إليه في حوائجهم ، قاله ابن عباس.
السادس : أنه السيد الذي قد انتهى سؤدده ، قاله أبو وائل وسفيان.
السابع : أنه الكامل الذي لا عيب فيه ، قاله مقاتل .
الثامن : أنه المقصود إليه في الرغائب ، والمستغاث به في المصائب ، قاله السدي .
التاسع : أنه المستغني عن كل أحد قاله أبو هريرة .
العاشر : أنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد ، قاله الحسين بن فضيل .رأيت كم معنى في كلمة واحدة كنت تجهله.
الآن بعدما عرفت معنى قول الله تعالى ( الله الصمد) أكيد عند قراءة هذه الآية مرة أخرى ستشعر بمعنى جديد لم تكن تشعر به قبل معرفتك لمعنى اللفظ، وكذلك جميع القرآن، فإن الله تعالى ما أنزل القرآن ليحفظه الناس في المكتبات وفي الحافظات التي تليق به، إنما أنزله الله تعالى لنتدبر آياته، ونفهم معانيه، ونعمل بما فيه.
هذه من ثمرات التدبر والاهتمام بمعرفة معاني كلام الله تعالى.
اللهم اشرح صدورنا لفهم كتابك، والعمل بما فيه يا رب العالمين.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
بارك الله فيكم.
كتبه أخوكم
محمد بن صلاح الصيرفي
22 رجب 1433 هـ