قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
فعشق النساء ثلاثة أقسام:
قسم هو قربة وطاعة: وهو عشق امرأته وجاريته ، وهذا العشق نافع ؛ فإنه أدعى إلى المقاصد التي شرع الله لها النكاح ، وأكف للبصر والقلب عن التطلع إلى غير أهله ، ولهذا يحمد هذا العاشق عند الله ، وعند الناس .
وعشق هو مقت عند الله وبعد من رحمته: وهو أضر شيء على العبد في دينه ودنياه ، وهو عشق المردان ، فما ابتلي به إلا من سقط من عين الله ، وطرد عن بابه ، وأبعد قلبه عنه ، وهو من أعظم الحجب القاطعة عن الله ، كما قال بعض السلف : إذا سقط العبد من عين الله ، ابتلاه بمحبة المردان، وهذه المحبة هي التي جلبت على قوم لوط ما جلبت ، فما أتوا إلا من هذا العشق ، قال الله تعالى:{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}.
ودواء هذا الداء : الاستعانة بمقلب القلوب ، وصدق اللجأ إليه ، والاشتغال بذكره ، والتعويض بحبه وقربه ، والتفكر في الألم الذي يعقبه هذا العشق، واللذة التي تفوته به ، فيترتب عليه فوات أعظم محبوب ، وحصول أعظم مكروه ، فإذا أقدمت نفسه على هذا وآثرته ، فليكبر على نفسه تكبير الجنازة ، وليعلم أن البلاء قد أحاط به .
والقسم الثالث العشق المباح: وهو الواقع من غير قصد ، كعشق من وصفت له امرأة جميلة ، أو رآها فجأة من غير قصد ، فتعلق قلبه بها ، ولم يحدث له ذلك العشق معصية ، فهذا لا يملك ولا يعاقب ، والأنفع له مدافعته، والاشتغال بما هو أنفع له منه ، ويجب الكتم والعفة والصبر فيه على البلوى ، فيثبته الله على ذلك ، ويعوضه على صبره لله وعفته ، وتركه طاعة هواه ، وإيثار مرضاة الله وما عنده"اهـ.
اللهم احفظنا بما تحفظ به عبادك الصالحين.