×
العربية

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

المكتبة المقروءة / مقالات / كيف كان النبي يستعد لاستقبال شهر رمضان.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1166

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.

أما بعد.

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعد لاستقبال شهر رمضان.

استعد أهل الفن بالفوازير والأفلام، والمسلسلات والمسرحيات، والمباريات، والدورات الرمضانية الترفيهية المصحوبة بمناهي شرعية.

واستعد أهل الترف بألوان الطعام، والشراب.

 فما هو استعداد من يريد سُكنى الجنان مع خير الأنام؟!

أذكر إن شاء الله تعالى في هذه السطور ما أقف عليه من كلام أهل العلم في هذه المسألة.

فأقول وبالله التوفيق :

* الوقفة  الأولىالنية الخالصة

من التأهب لرمضان وحسن الاستعداد له: أن تعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وعلى بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه.

وهذا العزم ضروري فإن العبد لا يدري متى توافيه منيته ولا متى يأتيه أجله ؟ فإذا انخرم عمره وسبق إليه من الله أمره، وعادت الروح إلى باريها قامت نيته مقام عمله فيجازيه الله على حسن نيته، وعلى هذا العزم، فينال الأجر وإن لم يعمل .

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ...». الحديث متفق عليه.

 وقال صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى » متفق عليه.

فمن نوى الخير أدرك الخير، وإن لم يعمله لعذر منعه.

ونحن نعرف أناسًا كانوا معنا في رمضان الماضي وليسوا معنا في عامنا هذا، وكم ممن أمَّل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر.

 

 

 

* الوقفة  الثانية : التوبة الصادقة

وهي واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، ولكنها في هذا الحين ألزم وأوجب لأنك مقبل على موسم طاعة، وصاحب المعصية لا يوفق للطاعة ولا يؤهل للقرب، فإن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان.

 وإن قيد الذنوب يمنع عن المشي إلى طاعة الرحمن، وإن ثقل الذنوب يمنع الخفة للخيرات والمسارعة في الطاعات.

 فتجد القلب في ظلمة وقسوة وبُعد عن الله وجفوة، فكيف يوفق مثل هذا للطاعة؟ أو كيف يصلح للخدمة ؟ أو كيف يدعى للمناجاة وهو متلطخ بالأقذار والنجاسات ؟ فصاحب المعاصي المصِر عليها لا يوفق إلى الطاعة فإن اتفق فبكد لا حلاوة فيه ولا لذة ولا صفوة ولا أنس ولا بهجة، وإنما بمعاناة وشدة، كل هذا بسبب شؤم الذنوب .

وقال القائل: "حرمت قيام الليل سنة بذنبٍ عملته ".

وعندما قيل للحسن لا نستطيع قيام الليل، قال:" قيدتك خطاياكم" .

 وقال الفضيل :" إذا كنت لا تستطيع قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محبوس قد قيدتك ذنوبك".

* الوقفة  الثالثة: معرفة شرف الزمان.

فالوقت هو الحياة، وهو رأس مالك الذي تتاجر فيه مع الله، وتطلب به السعادة وكل جزء يفوت من هذا الوقت خاليًا من العمل الصالح يفوت على العبد من السعادة بقدر .

قال ابن الجوزي:" ينبغي للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته فلا يضيع فيه لحظة في غير قربة".

إذا كان رأس المال عمرك فاحترز .. ... .. عليه من الإنفاق في غير واجب.

ورمضان من أنفس لحظات العمر، ومما يجعل الإنسان لا يفرط في لحظة منه أن يتذكر وصف الله له بأنه {أيامًا معدودات} وهي إشارة إلى أنها قليلة وأنها سرعان ما تنتهي، وهكذا الأيام الغالية والمواسم الفاضلة سريعة الرحيل، وإنما يفوز فيه من كان مستعدًا له مستيقظا إليه .

فإذا أدرك الإنسان قصر وقت رمضان علم أن مشقة الطاعة سرعان ما تذهب وسيبقى الأجر وتوابعه من انشراح القلب وانفساح الصدر وفرحة العبد بطاعة الرب سبحانه

وكم من مشقة في طاعة مرت على الإنسان فذهب نصبها وتعبها وبقى أجرها عند الله إن شاء الله .

 وكم من ساعات لهوٍ ولعبٍ وغفلةٍ ذهبت وانقضت لذتها وبقيت تبعتها.

وساعة الذكر فاعلم ثروة وغنى .. ... .. وساعة اللهو إفلاس وفاقات.

* الوقفة  الرابعة: التقلل من الطعام.

وهو مقصد من مقاصد الصيام ومن مقاصد رمضان التعود على تقليل الطعام، وإعطاء المعدة فرصة للراحة، وإعطاء النفس فرصة للطاعة، فكثرة الطعام هذه هي التي قسَّت القلوب حتى صيرتها كالحجارة، وأثقلت على النفوس الطاعة، وزهدت الناس في الوقوف بين يدي الله .

فمن أراد الاستمتاع بالصلاة فلا يكثر من الطعام، بل يخفف؛ فإن قلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وإنكسار النفس، وضعف الهوى والغضب.

قال محمد بن واسع: من قل طعامه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام تمنع صاحبها عن كثير مما يريد.

قال سلمة بن سعيد: إن كان الرجل ليعير بالبطن كما يعير بالذنب يعمله .

وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:« كف عنا جشاءك، فإن أطولكم شبعًا في الدنيا أطولكم جوعًا يوم القيامة» رواه الترمذي.

*  الوقفة  الخامسة: تعلم أحكام فقه الصيام.

ينبغي للمسلم أن يحرص على تعلم أحكام الصيام، وآدابه حتى يتم الإنسان صيامه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فيسحتق بذلك تحصيل الأجر والثواب وتحصيل الثمرة المرجوة والدرة الغالية وهي التقوى.

 وكم من إنسان يصوم ولا صيام له لجهله بشرائط الصيام وآدابه وما يجب عليه فيه.

 وكم ممن يجب عليه الفطر لمرض مهلك أو لعذر شرعي، ولكنه يصوم فيأثم بصومه، فلابد من تعلم فقه الصيام وأحكامه، وهذا واجب وفرض على من وجب عليه الصيام .

*  الوقفة  السادسة: تعويد النفس على الطاعات مثل:

-   الصيام:  وقد كان النبي يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً . وكان هذا ضروريًا لتعويد النفس على الصيام حتى إذا جاء رمضان كانت مستعدة بلا كلفة ولا تعب يمنعه عن العمل ويحرمه من كثرة التعبد.

-    القيام: وهي سنة عظيمة أضعناها، ولذة عجيبة ما تذوقناها، وجنة للمؤمنين في هذه الحياة ولكنا يا للأسف ما دخلناها ولا رأيناها .

مدرسة تربى فيها النفوس، وتزكى فيها القلوب، وتهذب فيها الأخلاق، عمل شاق، وجهاد عظيم لا يستطيعه إلا الأبطال من الرجال، والقانتات من النساء، الصابرين والصادقين ، والمستغفرين بالأسحار .

قيام الليل هو وصية النبي لنا وعمل الصالحين قبلنا قال صلى الله عليه وسلم «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» رواه الترمذي.

.

إن تعويد النفس على قيام الليل ضروري قبل رمضان وبعد رمضان وهو إن كان لازمًا لكل الناس فهو للدعاة والأئمة ألزم، ففيه من الأسرار ما تنفتح له مغاليق القلوب وتنكسر أمامه أقفالها، فتنـزل الرحمات والبركات ويفتح على الإنسان من أبواب الفهم والفتوح ما لا يعلمه إلا الله، ومن تخرج من مدرسة الليل يؤثر في الأجيال بعده إلى ما شاء الله.

-   كثرة تلاوة القرآن : شهر رمضان شهر القرآن، فللقرآن في رمضان مزية خاصة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان كما في حديث ابن عباس وذلك كل ليلة، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل في قيامه جدًا كما في حديث حذيفة .

وهكذا كان السلف والأئمة يولون القرآن في رمضان اهتمامًا خاصًا .

 * الوقفة السابعة: المسابقة والجدية.

المسابقة والجدية هي أصل في العبادة كما في كتاب الله وسنة رسوله، قال تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.آل عمران:133.

وقال سبحانه{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.الحديد:21

وفي الحديث: « سبق المفردون سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال "الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات».

وقد كان كل واحد من الأولين يعتبر نفسه المخاطب بهذا الأمر دون غيره فكانوا يتسابقون في الطاعة يدلك على هذا ما أثر عنهم من قولهم: "لو أن رجلا بالمشرق سمع أن رجلا بالمغرب أحب إلى الله منه فانصدع قلبه فمات كمدا لم يكن عجبا".

قالت جارية لعمرو بن دينار: رأيت في المنام كأن مناديا ينادي: الرحيل .. الرحيل، فما رحل إلا محمد بن واسع !! فبكى عمرو حتى وقع مغشيا عليه.

واعلم أيها الأخ الحبيب أن الأمر جد لا هزل فيه، قال تعالى {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}الذريات:23.

 وقيل إن عطاء دخل على الخليفة الوليد بن عبد الملك وعنده عمر بن عبد العزيز .. فقال عطاء للوليد: " بلغنا أن في جهنم واديا يقال له هبهب أعده الله للولاة الظلمة " فخر الوليد مغشيا عليه .. فقال عمر لعطاء: قتلت أمير المؤمنين !! قال: فأمسك عطاء بيدي وقال: يا عمر إن الأمر جد فجد .. قال عمر: فوجدت ألمها في يدي سنة .

فاجتهد أيها الحبيب أن تكون من أهل الصيام الحق والقيام الصدق لتنال الجائزة بغفران ما تقدم من ذنبك وما تأخر ..

هذا ملخص ما وقفت عليه ، نفع الله به من كتبه وقرأه ونشره،ودعا إليه.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه أخوكم

محمد بن صلاح الصيرفي

18 / 8 / 1433

الاكثر مشاهدة

2. وجعل بينكم مودة ورحمة ( عدد المشاهدات61438 )
7. لماذا تلبس المرأة الحجاب؟ ( عدد المشاهدات9322 )
8. لا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ( عدد المشاهدات9238 )
9. أولاً: فضل طلب العلم. ( عدد المشاهدات9164 )
10. هل ذكر اللعب في القرآن بخير ؟ ( عدد المشاهدات8460 )
12. رابعاً: بعض أسباب حرمان العلم. ( عدد المشاهدات7619 )
14. والشجرة الملعونة في القرآن ( عدد المشاهدات7418 )

مواد مقترحة

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف