×
العربية

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

المكتبة المقروءة / مقالات / نصيحة وتذكير لإخواني الذين يحبون الدعوة إلى الله، ونشر الخير .

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:911

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد.
فإن الدعوة إلى الله تعالى ليست حكرا على أحد، فكل واحد منا يدعو إلى الله تعالى بما علمه من كتاب ربه سبحانه وتعالى، ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
واجعل هذه الآية نصب عينيك، إذا أردت أن تكون من الدعاة ، الذين يرجون أن يزيلوا الجهل عن أنفسهم أولاً، ويجعلهم الله سببا لإزالة الجهل عن الناس.
يقول الله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن يقتدي به، {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
وانتبه جيداً لهذه الآية { بالحكمة والموعظة الحسنة}.. فما المراد بهما؟.
قال أهل التفسير منهم الماوردي في "النكت" في معنى قوله تعالى {بالحكمة} تأويلان :
أحدهما : بالقرآن ، قاله الكلبي .
الثاني : بالنبوة ، وهو محتمل.
وفي قوله {والموعظة الحسنة} فيها تأويلان أيضاً:
أحدهما: بالقرآن في لين من القول ، قاله الكلبي .
الثاني: بما فيه من الأمر والنهي ، قاله مقاتل .
وعليه فلا يصح أن تدعو إلى الله بالأحاديث المكذوبة والضعيفة، والموضوعة، فإنها خارجة عن الهدي القويم، وقد وضعها الواضعون للطعن في هذا الدين الذي وصفه الله تعالى بقوله { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}
فلا تكن معول هدم لهذا الدين بنشر ما يسيء إليه من أقوال وأفعال، مكذوبة، أنت لا تعلم المراد منها.
هذا أولاً.
ثانياً: إن لم تكن من أهل الاختصاص بعلوم الشريعة، وتحب أن تدعو إلى الخير وتنشره لينتفع به الناس، راجياً من الله الثواب.
فأقول لك:
لا يعجزك أن تنقل آية من كتاب الله، وتذكر معها تفسير لأئمة موثوق في علمهم على مذهب أهل السنة والجماعة، يبعد تفسيرهم عن التأويل والتحريف والتعطيل والتمثيل، ومن هؤلاء الأئمة الطبري، والقرطبي، وابن كثير، والسعدي وغيرهم كثير والحمد لله.
واحذر كتب تفسير أهل البدع من المعتزلة والمعطلة، فإنهم يروجون لمذاهبهم بتحريف الكلم عن مواضعه.
*ولا يعجزك أيضاً أن تذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولابد أن يكون صحيحاً، فلا تقل على النبي كذباً ، ولا تنقل عنه ما لم يصح، وعندك "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم"، يمكنك أن تنقل منهما، إن لم يكن لك علم بمعرفة الصحيح والضعيف.
حتى لا تنقل شيئاً ضعيفاً يعاب عليك في نقله.
*واجعل قول الله تعالى {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} نصب عينيك.
وقوله تعالى {على بصيرة} أي على هدى وحق.
فإن لم تكن تعلم أن ما تنقله عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح، فلا تنقله، لأنك في هذه الحال لم تدع إلى سبيل ربك على بصيرة، بل أنت الآن تدعو على غير الهدى والحق.

ولا تتعجب أن يرد عليك أحد الغيورين على الدين ويبين لك أنك جانبت الصواب، ولم تهتد إليه، بل الحق أحق أن يتبع.
 فينبغي لك أن تشكر من أظهر لك الحق ودعاك إليه، لا أن تبحث عن الأقوال الشاذة والساقطة، لتنتصر لقولك الضعيف، ونقلك الكذب على الناس، وتظن أنك أصبحت العالم الكبير والحبر النحرير.
 فإن مثل هذه الأمور لا خير فيها لا في دنيا ولا في آخرة.
وقد حذر النبي من مثل هذه الأفعال فقال: « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ». ثم فسر الكبر فقال«الكبر بطر الحق، وغمط الناس»
وقوله«بطر الحق» أي رده وعدم قبوله، والبحث عن أقوال شاذة وضعيفة لينتصر لقوله الباطل.

*وينبغي لك أيها الأخ الحبيب إذا أردت أن تنقل قولاً عن أحد الأئمة أن تنقله بنصه لا بفهمك أنت له، فربما أنت لا تعرف المقصود من كلام هذا المؤلف، فتتصرف في كلامه وتنسب له قولا لم يقله، وتحاسب الناس على فهمك، بعد ذلك وتقول قاله فلان، وفلان هذا بريء من هذا القول وقائله، وأمثلة ذلك كثيرة ورأيت من ناقليها العجب العجاب.
*وإذا أردت أن تعرف قول شيخ في مسألة، فاجمع كلامه من كل مؤلفاته، لا تنظر إلى كلامه في موضع واحد، فربما يقول القول، ثم يتراجع عنه فيما بعد إذا بلغ من العلم ما لم يبلغه من قبل، وأرجو أن يكون هذا واضحا.
بمعنى : قد يقول الشيخ في مسألة قول، ثم يتبين له أن هذا القول يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم، عرف ذلك بعدما بلغه قول النبي، وثبت صحة هذا القول، عندئذ يتراجع الشيخ ، ويذكر القول الصواب فيما يكتبه من مؤلفات بعد ذلك.
أنت إن لم تتبع كلام الشيخ في كل مواضع كلامه عن هذه المسألة ربما لا تعرف أنه تراجع عنها.
فبالتالي تنتصر لقوله الأول ، وتحارب الناس عليه، وأنت لا تعرف أن صاحب القول نفسه يرد عليك ما تنقله عنه، بما كتبه فيما بعد ولم تقف عليه أنت لقلة طلبك للحق.
لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم «نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ، فأداها كما سمعها ، فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه وليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلي من هو أُفقه منه»
وقد روي هذا الحديث بألفاظ كثيرة.
والشاهد منه قوله« فأداها كما سمعها » لا كما فهمها.
قال ابن الأثير :" هذا الحديث هو الحجة ، لأنه ذكر العلة ، وهي اختلاف الناس في الفقه ، فما لا يختلف فيه الناس من الألفاظ المرادفة لا يمنع منه ".
وفي الختام يقول ابن القيم رحمه الله في  "إعلام الموقعين":"وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقال استفتى من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، قال: ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق. قال بعض العلماء: فكيف لو رأى ربيعة زماننا، وإقدام من لا علم عنده على الفتيا، وتوثبه عليها، ومد باع التكلف إليها، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة، وهو من بين أهل العلم منكر أو غريب، فليس له في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف نصيب، ولا يبدي جوابًا بإحسان، وإن ساعد القدر فتواه كذلك يقول فلان بن فلان. يمدون للإفتاء باعًا قصيرةً وأكثرهم عند الفتاوى كذلك وكثير منهم نصيبهم مثل ما حكاه أبو محمد بن حزم، قال: كان عندنا مفت قليل البضاعة، فكان لا يفتي حتى يتقدمه من يكتب الجواب فيكتب تحته: جوابي مثل جواب الشيخ، فقدر أن اختلف مفتيان في جواب، فكتب تحتهما: جوابي مثل جواب الشيخين، فقيل له: إنهما قد تناقضا، فقال: وأنا أيضًا تناقضت كما تناقضا، وقد أقام الله - سبحانه - لكل عالم ورئيس وفاضل من يظهر مماثلته، ويرى الجهال وهم الأكثرون مساجلته ومشاكلته، وأنه يجري معه في الميدان، وأنهما عند المسابقة كفرسي رهان، ولا سيما إذا طول الأردان، وأرخى الذوائب الطويلة وراءه كذنب الأتان، وهدر باللسان، وخلا له الميدان الطويل من الفرسان.
فلو لبس الحمار ثياب خز        لقال الناس: يا لك من حمار
وهذا الضرب إنما يستفتون بالشكل لا بالفضل، وبالمناصب لا بالأهلية، قد غرهم عكوف من لا علم عنده عليهم، ومسارعة من أجهل منهم إليهم، تعج منهم الحقوق إلى الله - تعالى - عجيجًا، وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجًا. فمن أقدم بالجرأة على ما ليس له بأهل من فتيا أو قضاء أو تدريس، استحق اسم الذم، ولم يحل قبول فتياه ولا قضائه، هذا حكم دين الإسلام. وإن رغمت أنوف من أناس فقل: يا رب لا ترغم سواها".
بارك الله في الجميع، ونفعنا بما علمنا، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

كتبه أخوكم
محمد بن صلاح الصيرفي
15 / 8 / 1433 هـ

الاكثر مشاهدة

2. وجعل بينكم مودة ورحمة ( عدد المشاهدات61782 )
7. لماذا تلبس المرأة الحجاب؟ ( عدد المشاهدات9635 )
8. لا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ( عدد المشاهدات9489 )
9. أولاً: فضل طلب العلم. ( عدد المشاهدات9463 )
10. هل ذكر اللعب في القرآن بخير ؟ ( عدد المشاهدات8834 )
12. رابعاً: بعض أسباب حرمان العلم. ( عدد المشاهدات7969 )
13. والشجرة الملعونة في القرآن ( عدد المشاهدات7779 )

مواد مقترحة

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف