×
العربية

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

المكتبة المقروءة / مقالات / رسالة إلى كل مبتلى مسلم، هل أصابك ما أصاب هؤلاء.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:842

الحمد لله الذي متعنا بنعمة الصحة والعافية، متعنا بنعمة السمع والبصر ، متعنا بنعمة اليدين والرجلين، الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً، فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
 وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه.
أما بعد.
فإن الإنسان خلق من ضعف، والذي يقوي هذا الضعف بعد فضل الله وتأييده للعبد هو الصبر .
إذا أصيب الواحد منا بشيء، - أسأل الله أن يعافينا جميعاً – ولو كان يسيراً، مات ولده، أو ماتت زوجته، أو فقد ماله، أو خسر وظيفته، أو سرق متاعه، أو أصيب بمرض خطير أجلسه في بيته ، أو ما إلى ذلك من الابتلاءات  فسرعان ما يتسخط على قدر الله، ويظن أنه أشد الناس بلاءاً، وأنه زاد عليه البلاء لدرجة لا يتحملها أحد.
فأنقل في هذه السطور، بعض ما وقفت عليه من حال أهل البلاء حتى ترى أنك في نعمة كبيرة ولم تشعر بها، ولا ينقصك فيها سوى أن تحمد الله تعالى عليها، وأن يديمها عليك، وأن يبارك لك فيها، وأن يوفقك لاستعمالها في طاعته، وأن يجنبك أن تعصاه بها، فيعاقبك بحرمانك منها.
ذكر صلاح الدين الصفدي في كتاب " الوافي بالوفيات" ، فقال :"
قدم عروة على الوليد بن عبد الملك فلما كان في وادي القرى وقعت في رجله قرحة فأشاروا عليه في مجلس الوليد بأن يقطعها وإلا أفسدت جميع جسدك! فدعي الجزار ليقطعها.
 وقالوا: نسقيك الخمر حتى لا تجد ألماً!.
فقال: لا أستعين بحرام الله على ما أرجوه من عافيته!.
 فقالوا: نسقيك مرقداً! – وهو الدواء المنوم -.
 فقال: ما أحب أن أسلب عضواً من أعضائي وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه!.
ودخل عليه قوم أنكرهم، -أي لم يعرفهم-.
 فقال: ما هؤلاء؟.
 قالوا: يمسكونك فإن الألم ربما عزب معه الصبر!.
 فقال: أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي!.
 فقطعت ركبته بالسكين في مجلس الوليد، والوليد مشغول عنه بمن يحدثه ولم يدر الوليد بقطعها حتى شم رائحة الكي بالنار! هكذا ذكر القتيبي.
وقال غيره؛ قال: دعوني أصلي فإنه كان إذا صلى اشتغل عن نفسه بالصلاة! فقطعت وهو يصلي!.
 وقيل: إنها قطعت بالمنشار، وأغلي له الزيت فحسم به فغشي عليه فلما أفاق وهو يمسح العرق قال: " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا "
وما ترك ورده تلك الليلة.
ودخل ابنه محمد؛ وكان يدعى زين المواكب لحسنه؛ إسطبل الوليد – موضع معد لسكن الخيول- فرفسته دابة فقتلته وعروة لا يعلم، فأتاه صديق له يزهده في الدنيا ويذكره الموت ويرغبه في الآخرة فظن عروة إنما يعزيه عما ابتلي به في جسده فذكر له موت محمد ولده؛ فاسترجع وأنشأ يقول:
وكنت إذا الأيام أحدثن نكبة *** أقول شوى ما لم يصبن صميمي
وتمثل بأبيات معن بن أوس:
لعمري ما أهديت كفي لريبة ... ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ... ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة ... من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي

ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: وعزتك لئن كنت ابتليت لقد عافيت.
 ولئن كنت قد أخذت لقد أبقيت، أخذت واحداً وأبقيت لي ستة، وأخذت طرفاً وأبقيت ثلاثاً!
فلما ارتحل إلى المدينة وشارفها لقيته أشراف قريش والأنصار وأهل المدينة فمن بين باك ومعز ومهن فما سمع من كلامه إلا قوله: أيها الناس! من كان يريدني للصراع والسباق فقد أودى، ومن كان يريدني للعلم والجاه فقد أبقى الله خيراً كثيراً.
ولقد أحسن الله إلي وهب لي سبع بنين فمتعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحداً وأبقى لي ستة، ووهب لي يدين ورجلين فمتعني بهن ما شاء ثم أخذ منهن واحدة وأبقى لي ثلاثاً فلله الحمد.

وذكر ابن عساكر في "تاريخه" عند ذكر المجهولين أن رجلاً من بني عبس وفد على الوليد بن عبد الملك للخؤولة فسأله عن حاله وعن سبب ذهاب عينيه.
 فقال: ما كان في الأرض عبسي أكثر مني مالاً وولداً وأهلاً فأتى السيل ليلاً فلم يبق لي مالاً ولا أهلاً ولا ولداً إلا ذهب به إلا بنياً لي صغيراً وبعيراً فحملت الصبي وند البعير فوضعت الصبي وتبعت البعير فنفحني برجله ففقأ عيني، ورجعت إلى ولدي فإذا الذئب يلغ في بطنه! فقال الوليد: إذهبوا بهذا إلى عروة بن الزبير ليعلم أن في الدنيا من هو أعظم مصيبة منه!.انتهى .
فيا أهل البلاء، هل ابتلاكم الله بمثل هذا، هل حرمكم الله من البصر، والولد ، والمال، والزوجة، ومن الأطراف، مثل هذان، وغيرهما كثير، ولو تتبع العبد ما ابتلي به الناس لفاته وقت كثير في قراءة أخبارهم وأحوالهم، وما جرى لهم.
لقد ابتلوا بالحرمان وضياع المال، وموت الأولاد، ومع ذلك تشعر منهم بالصبر والرضا وعدم السخط على أقدار الله.
وهكذا ينبغي أن يكون المسلم، صابرا، محتسباً، يرجو رحمة ربه، ويخاف عذابه، يرضى بقضاء الله وقدره، يستشعر عظيم ما أنعم الله عليه في مقابل ما حرمه الله منه.
فهل رأيت يا عبد الله كم عافاك الله من شر لم يخطر لك على بال، وكم متعك بنعمه عليك وأنت لا تنظر إلا لما منعت منها ؟!.
لله ما أخذ، ولله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ربنا رضينا عنك، وعن قضائك وقدرك فارض اللهم عنا، ومتعنا بأسماعنا، وأبصارنا وقواتنا أبدا ما أحييتنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، اجعل اللجنة هي دارنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه أخوكم

محمد بن صلاح الصيرفي

15 / 8 / 1433 هـ

الاكثر مشاهدة

2. وجعل بينكم مودة ورحمة ( عدد المشاهدات61782 )
7. لماذا تلبس المرأة الحجاب؟ ( عدد المشاهدات9635 )
8. لا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ( عدد المشاهدات9489 )
9. أولاً: فضل طلب العلم. ( عدد المشاهدات9463 )
10. هل ذكر اللعب في القرآن بخير ؟ ( عدد المشاهدات8834 )
12. رابعاً: بعض أسباب حرمان العلم. ( عدد المشاهدات7969 )
13. والشجرة الملعونة في القرآن ( عدد المشاهدات7779 )

مواد مقترحة

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف