بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد.
فإن العجب كل العجب أن يكون في أمة القرآن من هو ضال، لا يدري أين الطريق، ولا إلى أين المسير، فتراه حائراً هائماً على وجهه، لا يدري ما الذي يُراد به، وما الذي يجب عليه أن يعمله، فتراه في حيرة من أمره، وهذا سببه أنه أعرض عن مصدر الهداية الذي أنزله الله ليكون للناس هدى ورحمة، هدى لهم في حياتهم، ورحمة لهم عند لقاء ربهم، قال تعالى{ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون}.
أعرض عن القرآن الذي وصفه الله تعالى بأنه يهدي إلى أقوم الطرق وأقربها إلى رضاه، قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا}.
أعرض عن القرآن الذي وصفه الله تعالى بقوله:{تلك آيات الكتاب الحكيم (2) هدى ورحمة للمحسنين}.
قال تعالى {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى}.
فقوله تعالى : { فمن اتبع هداي } أي : رسولي وكتابي { فلا يضل ولا يشقى } قال ابن عباس : من قرأ القرآن واتبع ما فيه، هداه الله من الضلالة ، ووقاه سوء الحساب ، ولقد ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، ثم قرأ هذه الآية .
لذلك يا عباد الله ينبغي للعبد أن لا يهجر هذا القرآن، لأنه سبب هدايته لكل خير، ونجاته من كل شر، ومن اتبع ما فيه فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عما فيه فلا أفلح ولا أنجح.
هداني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، ورزقنا تدبر كتابه، والعمل بما فيه، وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يرضيه عنا، ويرضى به عنا، إنه جواد كريم بر رحيم.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم
محمد بن صلاح الصيرفي
16 / 6 / 2016م