×
العربية

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

المكتبة المقروءة / مقالات / فاستبقوا الخيرات

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2654

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعين به ونستنصره، ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد.

فإن من نعمة الله على العبد أن يستعمله في طاعته، ولذلك أمر الله تعالى عبادة بالمسارعة في فعل الخيرات، ونوع الأمر بألفاظ تدل على أهمية هذا الموضوع، كما يظهر من خلال هذه الآيات، وليس هذا فحسب بل إن السنة النبوية أيضاً أمرت بالمبادرة إلى فعل الخيرات، وهو ما ستلاحظه من خلال هذه السطور.

أولاً: استعراض الآيات التي تأمر باستباق الخيرات والمسارعة فيها:

قال تعالى :]وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[([1]).

وقال تعالى : ]وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ[([2]).

وقال تعالى ]سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[([3]).

وقال تعالى ]وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ[([4]).

*********************

المراد بقوله تعالى ]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [

قال الماوردي وابن الجوزي: فيه تأويلان :

أحدهما : معناه فسارعوا إلى الأعمال الصالحة ، وهو قول عبد الرحمن بن زيد .

والثاني : معناه : لا تُغلَبوا على قبلتكم بما تقول اليهود من أنكم إذا اتبعتم قبلتهم اتبعوكم، وهذا قول قتادة"([5]).

العلة في قوله ]فَاسْتَبِقُوا[.

 قال ابن عرفة :" وإنما قال : ]فاسْتَبِقُوا[ ولم يقل : اسْبَقُوا ، ليتناول السابق والمسبوق فالمسبوق حينئذ يصدق عليه أنه استبق ولكنه لم يسبق ، ولو قال : اسبقوا لما تناول إلا السّابق.

المقصود بالخيرات:

قال مقاتل وعبد الرحمن بن زيد: و«الخيرات» : الأعمال الصالحة([6]).

قال رشيد رضا :" ]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[ أَيْ : ابْتَدِرُوا كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ بِالْعَمَلِ، وَلْيَحْرِصْ كُلٌّ مِنْكُمْ عَلَى سَبْقِ غَيْرِهِ إِلَيْهِ بِاتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمُرْشِدِ لَا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى.

 وَهَذَا الْأَمْرُ عَامٌّ مُوَجَّهٌ إِلَى أُمَّةِ الدَّعْوَةِ لَا خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَجِيبِينَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ]أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا[ ذَكَرَ الْجَزَاءَ يَوْمَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِاسْتِبَاقِ الْخَيْرَاتِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْجَزَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ أَوْ تَرْكِهَا ، لَا عَلَى الْكَوْنِ فِي بَلَدِ كَذَا أَوْ جِهَةِ كَذَا; أَيْ : فَفِي أَيَّةِ جِهَةٍ وَأَيِّ مَكَانٍ تُقِيمُونَ فَاللهُ تَعَالَى يَأْتِي بِكُمْ وَيَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ; إِذِ الْبِلَادُ وَالْجِهَاتُ لَا شَأْنَ لَهَا فِي أَمْرِ الدِّينِ لِذَاتِهَا وَإِنَّمَا الشَّأْنُ لِعَمَلِ الْبِرِّ وَاسْتِبَاقِ الْخَيْرَاتِ ]إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[،فَلَا يُعْجِزُهُ الْإِتْيَانُ بِالنَّاسِ مَهْمَا بَعُدَتْ بَيْنَهُمُ الْمَسَافَاتُ ، وَتَنَاءَتْ بِهِمُ الدِّيَارُ وَالْجِهَاتُ ، فَالتَّصْرِيحُ بِالْقُدْرَةِ تَذْكِيرٌ بِالدَّلِيلِ عَلَى الدَّعْوَى ، وَالْأَمْرُ بِالْخَيْرَاتِ هُنَا بَعْدَ بَيَانِ اخْتِلَافِ الْمِلَلِ فِي الْقِبْلَةِ"([7]).

* قال القاضي أبو محمد : وهي متجهة ، أي فاستبقوا الخيرات لكل وجهة ولاكموها ، ولا تعترضوا فيما أمركم من هذه وهذه ، أي إنما عليكم الطاعة في الجميع ، وقدم قوله : ]لكل وجهة[ على الأمر في قوله : ]فاستبقوا[ للاهتمام بالوجهة كما يقدم المفعول"([8]).

* قال ابن عاشور :" وقوله: ]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[ تفريع للأمر على ما تقدم أي لما تعددت المقاصد، فالمنافسة تكون في مصادفة الحق.

والاستباق افتعال والمراد به السبق وحقه التعدية باللام إلا أنه توسع فيه فعدى بنفسه كقوله تعالى: ]وَاسْتَبَقَا الْبَابَ [ [يوسف:25] أو على تضمين استبقوا معنى اغتنموا.

فالمراد من الاستباق هنا المعنى المجازي وهو الحرص على مصادفة الخير والإكثار منه والخيرات جمع خير على غير قياس كما قالوا سرادقات وحمامات.

والمراد عموم الخيرات كلها فإن المبادرة إلى الخير محمودة ومن ذلك المبادرة بالتوبة خشية هادم اللذات وفجأة الفوات قال تعالى:]وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ[[آل عمران:133] ]وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ[ [الواقعة:10-12] ومن ذلك فضيلة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار قال تعالى: ]لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا[ [الحديد:10] وقال موسى: ]وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى[ [طه:84]([9]).

ومعنى قوله ]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[ في سورة البقرة.

قال الطبري :وَإِنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : ]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[ أَيْ قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْحَقَّ وَهَدَيْتُكُمُ لِلْقِبْلَةِ الَّتِي ضَلَّتْ عَنْهَا الْيَهُودُ ، وَالنَّصَارَى وَسَائِرُ أَهْلِ الْمِلَلِ غَيْرُكُمْ ، فَبَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ شُكْرًا لِرَبِّكُمْ ، وَتَزَوَّدُوا فِي دُنْيَاكُمْ لِأُخَرَاكُمْ ، فَإِنِّي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ سَبِيلَ النَّجَاةِ فَلاَ عُذْرَ لَكُمْ فِي التَّفْرِيطِ ، وَحَافِظُوا عَلَى قِبْلَتِكُمْ ، وَلاَ تُضَيِّعُوهَا كَمَا ضَيَّعَهَا الأُمَمُ قَبْلَكُمْ فَتَضِلُّوا كَمَا ضَلَّتْ.

ومعنى الأمر في سورة المائدة]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[.

قال الطبري: " فَبَادِرُوا أَيُّهَا النَّاسُ , إِلَى الصَّالِحَاتِ مِنَ الأَعْمَالِ وَالْقُرَبِ إِلَى رَبِّكُمْ بِإِدْمَانِ الْعَمَلِ بِمَا فِي كِتَابِكُمُ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَى نَبِيِّكُمْ , فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَنْزَلَهُ امْتِحَانًا لَكُمْ وَابْتِلاَءً , لِيَتَبَيَّنَ الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ مِنَ الْمُسِيءِ , فَيُجَازِي جَمِيعَكُمْ عَلَى عَمَلِهِ جَزَاءَهُ عِنْدَ مَصِيرِكُمْ إِلَيْهِ , فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا , فَيُخْبِرُ كُلَّ فَرِيقٍ مِنْكُمْ بِمَا كَانَ يُخَالِفُ فِيهِ الْفِرَقَ الأُخْرَى , فَيَفْصِلُ بَيْنَهُمْ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ , وَيُبَيِّنُ الْمُحِقَّ بِمُجَازَاتِهِ إِيَّاهُ بِجَنَاتِهِ مِنَ الْمُسِيءِ بِعِقَابِهِ إِيَّاهُ بِالنَّارِ , فَيَتَبَيَّنُ حِينَئِذٍ كُلُّ حِزْبٍ عِيَانًا , الْمُحِقُّ مِنْهُمْ مِنَ الْمُبْطِلِ"([10]).

وقال أبو السعود :" ] فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ [ أي إذا كان الأمر كما ذُكر فسارعوا إلى ما هو خيرٌ لكم في الدارين من العقائد الحَقَّة والأعمالِ الصالحة المندرجة في القرآن الكريم ، وابتدروها انتهازاً للفرصة وإحرازاً لسابقةِ الفَضْل والتقدم ، ففيه من تأكيد الترغيبِ في الإذعان للحق وتشديدِ التحذير عن الزيغ ما لا يخفى"([11]).

قال رشيد رضا:"]فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ[ أَيْ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ عَلَيْكُمْ جَمِيعًا أَنْ تَبْتَدِرُوا الْخَيْرَاتِ وَتُسَارِعُوا إِلَيْهَا ; لِأَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ مِنْ جَمِيعِ الشَّرَائِعِ ، وَمَنَاهِجِ الدِّينِ ، فَمَا بَالُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَنْظُرُونَ مِنَ الدِّينِ وَالشَّرْعِ إِلَى مَا بِهِ الْخِلَافُ وَالتَّفَرُّقُ ، دُونَ حِكْمَةِ الْخِلَافِ ، وَمَقْصِدِ الدِّينِ وَالشَّرْعِ ، أَلَيْسَ هَذَا هُوَ تَرْكَ الْهُدَى وَاتِّبَاعَ سُبُلِ الْهَوَى ؟ فَاسْتِبَاقُ الْخَيْرَاتِ هُوَ الَّذِي يَنْفَعُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَإِلَى اللهِ دُونَ غَيْرِهِ تَرْجَعُونَ فِي الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ ; فَيُنَبِّئُكُمْ عِنْدَ الْحِسَابِ بِحَقِيقَةِ مَا كُنْتُمْ تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، وَيَجْزِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ ، فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَجْعَلُوا الشَّرَائِعَ سَبَبًا لِلتَّنَافُسِ فِي الْخَيْرَاتِ ، لَا سَبَبًا لِلْعَدَاوَةِ بِتَنَافُسِ الْعَصَبِيَّاتِ"([12]).

قال ابن القيم:"إن الله I يحب المبادرة أو المسارعة إلى خدمته والتنافس فيها، فإن ذلك أبلغ في العبودية، فإن الملوك تحب المسارعة والمنافسة في طاعتها وخدمتها فالإيثار بذلك مناف لمقصود العبودية فإن الله سبحانه أمر عبده بهذه القربة أما إيجاباً وأما استحباباً فإذا أثر بها ترك ما أمره وولاه غيره بخلاف ما إذا فعل ما أمر به طاعة وقربة ثم أرسل ثوابه إلى أخيه المسلم.

 وقد قال تعالى ]سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض[ وقال ]فاستبقوا الخيرات[ ومعلوم أن الإيثار بها ينافي الاستباق إليها والمسارعة .

 وقد كان الصحابة يسابق بعضهم بعضا بالقرب ولا يؤثر الرجل منهم غيره بها.

 قال عمر:" والله ما سابقني أبو بكر إلى خير إلا سبقني إليه حتى قال والله لا أسابقك إلى خير أبدا ".

 وقد قال تعالى ]وفي ذلك فليتنافس المتنافسون[ يقال نافست في الشيء منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه على وجه المباراة ومن هذا قولهم شيء نفيس أي هو أهل أن يتنافس فيه ويرغب فيه وهذا أنفس مالي أي أحبه إلى وأنفسني فلان في كذا أي أرغبني فيه وهذا كله ضد الإيثار به والرغبة عنه "([13]).

بعض الأحاديث الواردة في الاستباق إلى فعل الخيرات.

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»([14]).

قال القاضي عياض:"وفائدة المبادرة بالعمل إمكانه قبل شغل البال والحشد بالفتن ، وقطعها عن العمل"([15]).

قال القرطبي :"سَابِقُوا بالأعمالِ الصالحةِ هجومَ المِحَنِ المانعةِ منها ، السالبةِ لشرطها المصحِّح لها الإيمان ؛ كما قال : يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا ، وَيُمْسِي كَافِرًا ، ولا إحالةَ ولا بُعْدَ في حمل هذا الحديثِ على ظاهره ؛ لأنَّ المِحَنَ والشدائد إذا توالَتْ على القلوب ، أفسدَتْهَا بِغَلَبتها عليها ، وبما تُؤَثِّرُ فيها مِنَ القَسْوة والغَفْلة التي هي سببُ الشِّقْوة.

ومقصودُ هذا الحديثِ: الحَضُّ على اغتنامِ الفُرْصة ، والاِجتهادُ في أعمالِ الخيرِ والبِرِّ عند التمكُّنِ منها ، قَبْلَ هجومِ الموانع"([16]).

وقال النووي:"مَعْنَى الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الْمُبَادَرَة إِلَى الْأَعْمَال الصَّالِحَة قَبْل تَعَذُّرهَا وَالِاشْتِغَال عَنْهَا بِمَا يَحْدُث مِنْ الْفِتَن الشَّاغِلَة الْمُتَكَاثِرَة الْمُتَرَاكِمَة كَتَرَاكُمِ ظَلام اللَّيْل الْمُظْلِم لَا الْمُقْمِر؛ وَوَصَفَ r نَوْعًا مِنْ شَدَائِد تِلْك الْفِتَن ، وَهُوَ أَنَّهُ يُمْسِي مُؤْمِنًا ثُمَّ يُصْبِح كَافِرًا أَوْ عَكْسه، شَكَّ الرَّاوِي وَهَذَا لِعِظَمِ الْفِتَن يَنْقَلِب الْإِنْسَان فِي الْيَوْم الْوَاحِد هَذَا الِانْقِلاب؛وَاَللَّه أَعْلَم"([17]).

2- عَنْ عُقْبَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ r بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثمَّ قَامَ مُسْرِعًا فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ :« ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ»([18]).

3- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ الْفَضْلِ ، أَوْ أَحَدِهِمَا عَنِ الآخَرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ rمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ ، فَلْيَتَعَجَّلْ ، فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ»([19]).

4- عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ أَيْنَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ قَالَ « فِي الْجَنَّةِ»، فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ([20]).

5- عن أَبي هُرَيْرَةَt، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ :«أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ»([21]).

قال ابن حجر:"وذلك أن كثيرا من الأغنياء يشح بإخراج ما عنده ما دام في عافية فيأمل البقاء ويخشى الفقر فمن خالف شيطانه وقهر نفسه إيثارا لثواب الآخرة فاز ومن بخل بذلك لم يأمن الجور في الوصية وان سلم لم يأمن تأخير تنجيز ما أوصى به أو تركه أو غير ذلك من الآفات ولاسيما إن خلف وارثاً غير موفق فيبذره في أسرع وقت ويبقى وباله على الذي جمعه والله المستعان"([22]).

6- عن أنس بن مالكt قال: قال رسول اللهr: « قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ »، قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ « نَعَمْ »، قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ rمَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ»، قَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ:«فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا»، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ - قَالَ - فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ([23]).

 

 


([1])  سورة البقرة: 148.

 

 

([2]) سورة المائدة:48.

([3])  سورة الحديد:21.

([4])  سورة آل عمران:133.

([5]) "النكت والعيون" (1/206)، و"زاد المسير"(1/140).  

([6])  "تفسير الطبري"(2/680)،و"زاد المسير"(2/220).

([7])  تفسير المنار" (2/19).

([8])  "المحرر الوجيز" (1/169).

([9])  " التحرير والتنوير" (2/43).

([10])  "تفسير الطبري" (8/500).

([11])  "تفسير أبو السعود"(2/250).

([12])  "تفسير المنار" (6/347-348).

([13])  انظر " الروح" لاين القيم ص(130).

([14]) أخرجه مسلم (118).

([15])  "إكمال المعلم" (1/271).

([16])  "المفهم"(2/89).

([17])  "شرح النووي" (1/232).

([18])  أخرجه البخاري (851).

([19])  أخرجه أبو داود(1732)، وابن ماجة (2883)، وأحمد(1/214) وحسنه الألباني.

([20])  أخرجه مسلم (1899).

الاكثر مشاهدة

2. وجعل بينكم مودة ورحمة ( عدد المشاهدات61438 )
7. لماذا تلبس المرأة الحجاب؟ ( عدد المشاهدات9322 )
8. لا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ( عدد المشاهدات9238 )
9. أولاً: فضل طلب العلم. ( عدد المشاهدات9164 )
10. هل ذكر اللعب في القرآن بخير ؟ ( عدد المشاهدات8460 )
12. رابعاً: بعض أسباب حرمان العلم. ( عدد المشاهدات7619 )
14. والشجرة الملعونة في القرآن ( عدد المشاهدات7418 )

مواد مقترحة

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف