الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد.
فقد استقبلنا شهر رمضان من قريب، وسرعان ما انتهت العشر الأول منه، وكذلك العشر الأوسط، والآن أصبحنا في العشر الأواخر، وما أدراكم بما فيها من زواخر، في العاجل والآخر.
فحري بالمسلم أن يغتنم ما بقي في هذا الشهر الكريم، وخاصة الاجتهاد في قيام لياليه المتبقية، رجاء أن يكون من الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم « ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه».
وبعد انتهاء شهر رمضان يدخل علينا يوم العيد، وكعادة ديننا لم يترك لنا صغيرة أو كبيرة إلا وضحها وبينها، ودعا إليها، وبين فضلها، وآدابها، وما ينبغي على المسلم فعله.
فأذكر في هذه السطور بعض الآداب والسنن التي تتعلق بهذا اليوم، فمن السنن التي يفعلها المسلم يوم العيد ما يلي :
1- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة :
فقد صح عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أنه كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى، وذكر النووي اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد .
2- الأكل قبل الخروج إلى المصلى:
من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا».
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام .
ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح .
2- التكبير يوم العيد :
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى :{ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يخرج الإمام.
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد .
صفة التكبير :
" الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد" .
وفي رواية أخرى بتثليث التكبير، بان يقول "الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
3- التهنئة :
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض : "تقبل الله منا ومنكم" أو "عيد مبارك"، وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة.
وعن جبير بن نفير ، قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، "تُقُبِّل منا ومنك"، قال ابن حجر : إسناده حسن .
4- التجمل للعيدين :
عن جابر رضي الله عنه قال : «كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة»، فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب، وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة.
5- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ ».
- قيل الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ .
- وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين .
- وقيل لإظهار ذكر الله .
- وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه .
- وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه .
6- صلاة العيد في المصلى هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب عليها ، ودعوة الناس إليها ، وإن صليت في المسجد لسبب أو لآخر جاز ذلك.
7- اصطحاب النساء والأطفال والصبيان دون استثناء حتى الحيض و العواتق وذوات الخدور من النساء.
كما جاء عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ».
8- أداء صلاة العيد ركعتان يكبر في الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات قبل الفاتحة أيضاً.
ويقرأ الإمام فيهما سورة الأعلى والغاشية كما صح عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:« كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ».
9- الاستماع إلى الخطبة التي بعد صلاة العيد سنة، ومن لم يحضر الخطبة وقام بعد الصلاة فلا ضير عليه.
بارك الله في الجميع، وهدانا وإياكم لكل خير، وتقبل منا ومنكم صالح الأفعال، والأقوال والأحوال.