الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد.
فهذه وقفات مع زكاة الفطر، نسأل الله أن يتقبلها منا، وأن ينفع بها من طالعها.
أولاً: سبب تسمية زكاة الفطر بهذا الاسم.
زكاة الفطر، وتسمى أيضاً صدقة الفطر، وتعلق اسمها بالفطر لأنها تجب بالفطر من رمضان كما قاله ابن حجر رحمه الله.
وسميت زكاة ، لأنها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وما وقع منه في حال صيامه مما يؤثر على صومه.
ثانياً حكمها :
على الصحيح أنها فرض لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال :« فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة رمضان على الحر والعبد والذكر والأنثى صاعا من تمر أو صاعا من شعير» رواه مسلم.
فلفظ «فرض» بمعنى ألزم وأوجب، وأجمع أهل العلم على أن زكاة الفطر واجبة.
فتجب زكاة الفطر على كل مسلم صغيرا أو كبيراً، ذكرا أو أنثى، حرا أو عبدا.
فكل مسلم يملك مقدار الزكاة زائدا عن حاجته، وحاجة أهله يوماً وليلة، تجب عليه الزكاة، وأما إذا لم يكن عنده إلا ما يكفيه وأهله فقط حتى خرج الشهر فليس عليه زكاة.
ثالثاً حمكتها:
من حكمتها أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، كما دل على ذلك حديث ابنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما – قَالَ :«فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، مَنْ أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَن أدَّاهَا بَعدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ».
رابعاً وقت إخراجها:
لزكاة الفطر وقت جواز ووقت فضيلة.
فوقت الجواز أن يخرجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما -: «أنَّهُمْ كَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أوْ يَومَينِ».
ووقت الفضيلة: وهو فِي صَبَاحِ يوم العِيدِ قَبلَ الصلاةِ، فَقَد جَاءَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ أنْ تُؤَدَّى قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ».
وعلى هذا يجب على المسلم أن يحرص أن تكون زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وهذا أفضل الأوقات، وإن أخرجها قبل ذلك فتجزئ إن شاء الله تعالى لكن صاحبها خالف الأفضل والصواب.
خامساً مقدار زكاة الفطر:
روي عن أبِي سَعيدٍ الخُدرِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: «كُنَّا نُعطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ...».
فمن هذا الحديث يحدد مقدار زكاة الفطر، وهو صاع من طعام، والصاع أربعة أمدد، والمد هو ملئ كفي الرجل المتوسط.
وعلى هذا فإن الوزن يختلف باختلاف ما يملئ به الصاع، فإذا أراد المزكي أن يخرج وزناً لابد له أن يتأكد أن هذا الوزن يملأ هذا الصاع.
* وتخرج زكاة الفطر من طعام الآدميين، من تمر أو بر، أو رز، أو غيرها من الطعام، فالأصل فيها أنها تخرج من غالب طعام البلد.
ودليل ذلك ما روي عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الفِطرِ صَاعًا مِن تَمرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أو عَبدٍ ذَكَرٍ أو أُنثَى مِنَ المُسلِمِينَ » وَكَانَ الشَّعِيرُ يَومَ ذَاكَ مِن طَعَامِهِم.
مسألة إخراج زكاة الفطر من النقود:
إخراج زكاة الفطر من النقود خلافا لما عليه جمهور العلماء، وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها طعاماً لا مالاً، وكان المال موجودا في أيامهم فلم يذكره.
وأيضاً حدد جنسها وهو الطعام فلا يجوز الإخراج من غيره، كالثياب ونحوها.
ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي مردود على صاحبه، غير مقبول.
وأما الذين يقولون : إن المال أنفع للفقير .
فنقول لهم : الله سبحانه وتعالى أعلم بما ينفع الفقير منا، وهو الذي شرع إخراجها طعاماً.
وخالف في ذلك الإمام أبي حنيفة رحمه الله فجوز إخراجها من النقود، فمن أخذ بقوله فنسأل الله لنا وله القبول.
كم مقدار القيمة؟
ينظر إلى كم مقدار صاع الطعام ويخرجه، فإذا كان مقدار صاع الطعام عشرة ريالات أو عشرة جنيهات، فيخرج هذه القيمة.
* لمن تعطى زكاة الفطر.
تعطى هذه الزكاة للفقراء والمساكين، الذين لا يجدون قوت يومهم.
لحديث ابن عباس : «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ».
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه أخوكم
محمد بن صلاح الصيرفي
20 رمضان 1436هـ