الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد.
فإن المسلم منا ينبغي له أن يحافظ على أوقات عمره فيما ينفعه في دينه أو دنياه، فليس في حياة المسلم وقت يسمى وقت فراغ، بل يؤمن المسلم أنه محاسب عن كل وقته، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعلى هذا لابد أن يعد للسؤال جواباً، ولابد أن يكون الجواب صواباً.
ولذلك أرشد الله سبحانه وتعالى كل مسلم في شخص النبي صلى الله عليه وسلم باغتنام أوقات العمر في الطاعة، لتكون حياته كلها طاعة تتبعها طاعة حتى يلقى الله وهو في طاعة.
يقول سبحانه وتعالى:{فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}.
أمر الله تعالى نبيه أن يجعل فراغه من كل ما كان به مشتغلا ، من أمر دنياه وآخرته، مما أدى له الشغل به، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته، والاشتغال فيما قربه إليه، ومسألته حاجاته، ولم يخصص بذلك حالا من أحوال فراغه دون حال ، فسواء كل أحوال فراغه ، من صلاة كان فراغه ، أو جهاد ، أو أمر دنيا كان به مشتغلا، لعموم الشرط في ذلك ، من غير خصوص حال فراغ ، دون حال أخرى.
وقوله : {وإلى ربك فارغب}، أي وإلى ربك يا محمد فاجعل رغبتك ، دون من سواه من خلقه ، إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد.
فلابد لقبول العمل أن يكون لله خالصاً، ولا رغبة في قلب العبد إلا الله تعالى.
يقول جل وعلا:{فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
والعمل الصالح أن يكون لله خالصاً، وأن يكون وفق سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
بارك الله لي ولكم في أعمارنا، وجعلها زاداً لنا في حسن القدوم عليه، وأسأله أن يبارك في أيامنا، وأعمالنا وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
والحمد لله رب العالمين.