س : ما الحكمة من خلق سيدنا آدم في الجنة وقد قال الله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) لماذا لم يخلقه عليه السلام في الأرض مباشرة؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد،
فمثل هذه الأسئلة ونحوها يجيب عليها الله جل وعلا بقوله تعالى :{لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} .
ثانياً: كل أفعال الله تعالى لها حكمة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، ولا يضر الجاهل في هذه الأمور جهله.
ثالثاً: كان دخول آدم عليه السلام الجنة للسكنى وليس للإقامة، قال تعالى ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾. وفرق كبير بين السكنى والإقامة لمن تأمله.
رابعاً: استنبط بعضُ أهل العلم من قوله تعالى {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (35) فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (36) فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}.
وفي قوله تعالى : ﴿ فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى (117) إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (119) فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى (121) ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى (122) قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾
أن هذه الفترة التي سكن فيها آدم الجنة كانت تجربة مصغرة لحياته في الدنيا ففيها أوامر ( افعل ) ونواهي (لا تفعل ) ، وبين لآدم عداوة الشيطان له ولذريته، وبين لآدم أنه إن وقع في معصية الله فقد غوى، وبين لآدم أن باب التوبة مفتوح يوفق له من أراد الله له الهداية، وأن من أتاه رسول من الله فاتبعه فلا يضل ولا يشقى، وأن من عصى الرسول فإن له معيشة ضنكا.
وفقنا الله وإياكم لطاعته، وغفر الله لنا ولكم ، والحمد لله رب العالمين.