الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد.
فللإجابة على هذا السؤال لابد من معرفة أمرين:
الأول: هل يجوز لولي الأمر (الإمام) تحويل الكنائس ومعابد الكفار إلى مساجد؟
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه "أحكام أهل الذمة" ص131 :" وفصل الخطاب أن يقال: إن الإمام يفعل في ذلك ما هو الأصلح للمسلمين فإن كان أخذها منهم أو إزالتها هو المصلحة لكثرة الكنائس أو حاجة المسلمين إلى بعضها وقلة أهل الذمة فله أخذها أو إزالتها بحسب المصلحة، وإن كان تركها أصلح لكثرتهم وحاجتهم إليها وغنى المسلمين عنها تركها". فمن هذا يجوز للإمام تحويل الكنيسة إلى جامع إذا كانت الحاجة داعية إلى ذلك، هذا بشكل عام، أما آيا صوفيا فقد كانت كنيسة خربة واشتراها محمد الفاتح وحولها إلى مسجد لحاجة المسلمين إلى ذلك، وطمس ما فيها من مظاهر الشرك لتصح الصلاة فيها.
* الأمر الثاني: حكم شراء الكنائس وتحويلها إلى مساجد؟
أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء بجواز شراء الكنائس وجعلها مسجدا، وتجب إزالة الصلبان والصور المعلقة والمنقوشة فيها، وكل ما يشعر بأنها كنيسة، ولا نعلم مانعا يمنع من ذلك. وبهذا قال الشيخ عبد العزيز ابن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمهم الله.
وأخرج النسائي "في سننه" بإسناد صحيح عن طلق بن علي قال : خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا ( البيعة هي معبد النصارى) فاستوهبناه من فضل طهوره (يعني طلبنا منه الماء الذي استعمله في الوضوء) فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه في إداوة (إناء) وأمرنا فقال "«اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم (الكنيسة) وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا » ثم قال طلق بن علي: "فكسرنا بيعتنا ثم نضحنا مكانها واتخذناها مسجدا".
وهذا الحديث فيه دليل على جواز اتخاذ البيع مساجد، وغيرها من الكنائس وبيوت الأصنام ونحوها ملحق بها بالقياس. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.