مقدمة:
الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للسنة فانقادت لاتباعها وارتاحت لسماعها وأمات نفوس أهل الطغيان بالبدعة بعد أن تمادت في نزاعها، وتغالت في ابتداعها، وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بانقياد الأفئدة وامتناعها، المطلع على ضمائر القلوب في حالتي افتراقها واجتماعها.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي انخفضت بحقه كلمة الباطل بعد ارتفاعها، واتصلت بإرساله أنوار الهدى وظهرت حجتها بعد انقطاعها، صلى الله عليه وسلم ما دامت السماء والأرض هذه في سموها وهذه في اتساعها، وعلى آله وصحبه الذين كسروا جيوش المردة وفتحوا حصون قلاعها، وهجروا في محبة داعيهم إلى الله الأوطار والأوطان ولم يعاودوها بعد وداعها، وحفظوا على أتباعهم أقواله وأفعاله وأحواله حتى أمنت بهم السنن الشريفة من ضياعها.
أما بعد.
فإن أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام، وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البرية، ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنة نبيه المصطفى، وأن باقي العلوم إما آلات لفهمهما وهي الضالة المطلوبة أو أجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة.
وإن من نعمة الله علينا أن يستخدمنا في طاعته وخدمة دينه، وإن من أجلِّ النعم نعمة الاشتغال في علوم الشريعة، بتعلمها وحفظها وفهمها والدعوة إليها بالتي هي أحسن، وقد أثنى الله على العلماء في أكثر من موضع من كتابه، وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التعلم وطلب العلم، وأجْمِلُ هذه المقدمات في نقاط أرجو أن ينتفع بها طالب العلم، وباغي الحق والرشد، وقد طبعتها في مقدمة كتابي " التحفة السنية في المتون العلمية" ولله الحمد والمنة.